كيف ابتعد عن المحرمات؟
المحرمات هي الأعمال التي حظرها الدين وأكد على ضرورة تجنبها، وذلك لما لها من آثار سلبية على الفرد والمجتمع. إن الابتعاد عن المحرمات يتطلب جهدًا مستمرًا ووعيًا تامًا بأهمية ذلك في تحسين العلاقة بالله عز وجل وفي الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية. في هذا المقال، سيتم مناقشة كيفية الابتعاد عن المحرمات بأسلوب يتضمن مجموعة من النصائح العملية والتوجيهات الروحية.
أولاً: معرفة المحرمات بشكل دقيق
من أهم الخطوات التي يجب أن يبدأ بها الشخص في رحلة الابتعاد عن المحرمات هي التعرف عليها بشكل دقيق. هذا يتطلب دراسة وتدبر في القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث تتضح المحرمات في الدين الإسلامي سواء كانت تتعلق بالأعمال أو الأقوال أو الاعتقادات. فالقرآن الكريم والسنة النبوية يوضحان لنا ما هو حلال وما هو حرام، ويفصلان في ذلك تفصيلًا دقيقًا يمكن أن يكون مرشدًا في حياتنا اليومية. على سبيل المثال، حظر الإسلام تناول الخمور والمسكرات لما لها من آثار مدمرة على الفرد والمجتمع.
من جهة أخرى، يعتبر الاعتراف بالذنب والعمل على تصحيحه من أهم خطوات التوبة. لذلك، فإن معرفة المحرمات بشكل جيد هو أساس التوبة الصادقة والابتعاد عن تلك الأعمال الضارة.
ثانياً: تعزيز الوازع الديني
إن تعميق الوازع الديني يمثل حجر الزاوية في الابتعاد عن المحرمات. فالدين ليس فقط مجرد مجموعة من الشعائر، بل هو أسلوب حياة يُشكل تصرفات الفرد وسلوكياته. لذلك، يجب على المسلم أن يعمل على تقوية إيمانه بالله عز وجل، وذلك من خلال العبادة الصحيحة والتقرب إليه بالصلاة والذكر.
من أهم الطرائق لتعزيز الوازع الديني هي المواظبة على قراءة القرآن الكريم، وفهم معانيه، والتأمل في الآيات التي تتحدث عن العواقب الوخيمة للمحرمات. كما أن الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل يساعد على تقوية الإيمان، ويُبعد النفس عن الوقوع في المعاصي.
إضافة إلى ذلك، يُستحسن الاشتراك في حلقات العلم وطلب المعرفة الشرعية من العلماء المؤهلين. فالعلم هو سلاح الإنسان في مواجهة الشهوات والفتن، وبه يستطيع تمييز الحلال من الحرام، ويرتاح ضميره ويشعر بالطمأنينة في اتباع الدين.
ثالثاً: تجنب صحبة السوء
الصحبة الصالحة تشكل أحد العوامل الهامة في الابتعاد عن المحرمات. عندما يكون الإنسان محاطًا بأشخاص يتسمون بالتدين والصلاح، فإن ذلك يؤثر إيجابًا على سلوكه وأخلاقه. على العكس من ذلك، فإن صحبة السوء قد تؤدي إلى الانجراف وراء المحرمات، بل قد تدفع الشخص إلى اقتراف المعاصي.
الصحبة الطيبة لا تقتصر على الأفراد الذين يتشاركون في المساجد أو الأنشطة الدينية، بل تشمل أولئك الذين يعينونك على التمسك بالقيم والأخلاق الفاضلة. ولذلك، يجب على المسلم أن يحرص على اختيار أصدقائه بعناية، وأن يتجنب التواجد في بيئات تسهل عليه الانزلاق إلى ارتكاب المحرمات.
رابعاً: التوبة والرجوع إلى الله
التوبة هي الباب الذي يفتح أمام الإنسان للعودة إلى الله عز وجل بعد ارتكاب المعاصي. وهي ليست مجرد ندم على فعل المعصية، بل هي أيضًا عزيمة على تركها وعدم العودة إليها. وقد حثنا الإسلام على التوبة وفتح بابها على مصراعيه، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
يجب على المسلم أن يشعر دائما بأنه قريب من الله، وأنه إذا وقع في المعصية فإن الباب مفتوح أمامه للرجوع إلى الله. التوبة تشمل الندم على ما فات، والإقلاع عن الذنب فورًا، والعزم على عدم العودة إليه. وعند هذه اللحظة، يغفر الله للعبد ويُبارك له في حياته، كما أن التوبة تساهم في تقوية الإرادة لدى الشخص وتدفعه للابتعاد عن المعاصي والمحرّمات.
خامساً: استبدال المحرمات بالطاعات
الابتعاد عن المحرمات لا يتوقف فقط على التوقف عن فعل الخطيئة، بل يجب على الإنسان أن يحل مكان تلك المحرمات طاعات وأعمال صالحة. فإذا كان الإنسان قد اعتاد على فعل شيء محرم، فعليه أن يبحث عن بدائل مشروعة يمكنه من خلالها أن يملأ وقته ويشبع حاجاته النفسية والعقلية.
على سبيل المثال، إذا كانت الشهوات سببًا في الوقوع في المعاصي، فعليه أن يوجه طاقته إلى العمل الصالح، كالدعاء، وقراءة القرآن، وزيارة الأقارب، أو المشاركة في الأنشطة الخيرية. إذا كان الشخص قد اعتاد على الجلوس في بيئات مليئة بالفتن، فإنه يجب أن يبحث عن بيئات تُغذي الروح وتساعده على التقرب إلى الله.
سادساً: أهمية الصبر والمثابرة
الابتعاد عن المحرمات ليس أمرًا سهلاً، وهو يحتاج إلى الكثير من الصبر والمثابرة. قد يواجه المسلم في بداية الطريق صعوبات وعثرات، وقد يشعر بالإحباط في بعض الأحيان، لكن يجب أن يتذكر دائمًا أن الله مع الصابرين، وأن الأجر في الابتعاد عن المحرمات عظيم.
يجب على المسلم أن يتحلى بالصبر، وأن يعوّد نفسه على ضبط النفس والمقاومة، ويعرف أن الطريق إلى الهداية والتقوى ليس طريقًا مفروشًا بالورود، بل هو طريق طويل يحتاج إلى جهد وإرادة قوية. بالإصرار والمثابرة على الاستمرار في الطاعات، يمكن للشخص أن يتحرر من قيود المحرمات ويعيش حياة طاهرة ومستقيمة.
سابعاً: تعزيز الوعي الشخصي بالمخاطر
من أهم الخطوات للابتعاد عن المحرمات هي الوعي بمخاطر تلك المحرمات على الفرد والمجتمع. كثير من الناس يرتكبون المعاصي إما بدافع الجهل أو التعود أو التهاون. لذلك، يجب أن يكون الشخص على دراية تامة بالآثار السلبية التي تترتب على فعل المحرمات.
على سبيل المثال، تناول المسكرات يؤدي إلى فقدان العقل وارتكاب الجرائم، واستخدام المخدرات يدمّر الجسم والعقل. إن الوقوع في الزنا يؤدي إلى فساد المجتمع وهدم الأُسر. كل هذه المحرمات تترك آثارًا سلبية على الفرد والمجتمع، ومن خلال معرفتها، يمكن للإنسان أن يتجنب الوقوع فيها.
ثامناً: اللجوء إلى الله في لحظات الضعف
يجب على المسلم أن يتذكر أن الإنسان ضعيف بطبعه، وأنه لا يوجد عيب في اللجوء إلى الله في لحظات الضعف. في حال شعرت النفس بالميل إلى المحرمات أو ضعف الإرادة، فإن التوجه إلى الله بالدعاء والطلب منه العون هو السبيل الأمثل لتجاوز تلك اللحظات الصعبة.
إن الدعاء لا يقتصر على طلب الرزق أو النجاة، بل يشمل طلب الهداية والثبات على الحق والابتعاد عن الفتن. الله سبحانه وتعالى يقول: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”، فلا ينبغي للإنسان أن ييأس من رحمة الله، بل عليه أن يثق بأن الله سيعينه على الابتعاد عن المحرمات إذا كان مخلصًا في توبته.
خاتمة
الابتعاد عن المحرمات ليس مجرد تحصيل أخلاقي أو دينى، بل هو طريق لتحقق السعادة النفسية والروحية. من خلال تعزيز الوازع الديني، وتجديد التوبة، والتقوية الذاتية بالصبر والمثابرة، والابتعاد عن الصحبة السوء، يمكن للمسلم أن يعيش حياة مليئة بالسلام الداخلي والرضا عن الله.
